للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن لم يعنه عَلَى فعل المأمور، كَانَ ذلك المأمور قد تعلق به أمره ولم يتعلق به خلقه، لعدم الحكمة المقتضية لتعلق الخلق به، ولحصول الحكمة المقتضية لخلق ضده.

وخلق أحد الضدين ينافي خلق الضد الآخر، فإن خلق المرض الذي يحصل به ذل العبد لربه ودعاؤه وتوبته، وتكفير خطاياه، ويرق به قلبه، ويذهب عنه الكبرياء والعظمة والعدوان، يضاد خلق الصحة التي لا تحصل معها هذه المصالح، ولذلك كَانَ خلق ظلم الظالم الذي يحصل به للمظلوم من جنس ما يحصل بالمرض، يضاد خلق عدله الذي لا يحصل به هذه المصالح، وإن كانت مصلحته هو في أن يعدل.

وتفصيل حكمة الله في خلقه وأمره، يعجز عن معرفتها عقول البشر، والقدرية دخلوا في التعليل عَلَى طريقة فاسدة مثلوا الله فيها بخلقه، ولم يثبتوا حكمة تعود إليه] اهـ

الشرح:

هذا الكلام على طوله يناقش قضية فرعية جزئية قالها القدرية وهي: أن الآمر إذا أمر بشيء، أو المريد إذا أراد شيئاً، فإن إرادته ذلك تستلزم الإعانة على فعله.

وقد رد المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى القدرية: بأن الموضوع له جهتان:

جهة خلقه وإرادته للشيء والأمر به.

وجهة إعانته العبد عَلَى فعل ما أراده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

<<  <   >  >>