للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينما رجل فاجر يتقحم في الموبقات، وفي المهلكات، والطغيان، والبغي، والعدوان ويكون له لواء المحامد والمناقب منشوراً مرفوعاً؟ ‍! هذا لا يمكن وليس هذا من سنة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حتى عند الجاهليين عَلَى ما لحق بفطرهم، وعقولهم من الضلال، والزيغ والانحراف.

وهذه الصفات النبيلة وَصَفَ بها ابن الدغنة أبا بكر الصديق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وهذا دليل عَلَى المرتبة العليا التي كانت للصديق.

وابن الدغنة لم يسمع كلام خديجة؛ لأنه كَانَ عَلَى كفره لما وصف الصديق، ومع ذلك وصفه بأنه: يصل الرحم، ويقرئ الضيف، ويحمل الكل بنفس العبارات -تقريباً- التي وصفت بها خديجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانظروا كيف تطابق هذا الوصف مع هذا، ثُمَّ انظروا كيف كَانَ أول رجل يؤمن بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أبو بكر الصديق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ولم يتردد قط، وإنما عَلَى الفطرة شهد أن الله واحد، وأن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صادق بلا تردد منه، فتطابق الصفات تدل عَلَى أن هذه الصفات صفات الخير تأتي في النبي وهي أعلاها.

ثُمَّ تكون في الصديق وهو الدرجة الثانية بعد النبوة، فأفضل الخلق بعد الأَنْبِيَاء هم الصديقون قال تعالى: فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:٦٩] والواو هنا للترتيب، والترتيب في هذه الآية واضح أفضل النَّاس النبيين ثُمَّ الصديقين ثُمَّ الشهداء ثُمَّ الصالحين.

<<  <   >  >>