فهذه الصفات دليل للعقل -إن صح التعبير- وللحكمة، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صادق، ومع ذلك فإن خديجة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- قد سلكت أقوى أنواع الاستدلال في النبوة، وأقوى أنواع اليقين، وأقوى أنواع العلم الضروري، كما يسمى العلم الضروري أي اليقيني الذي يقع في النفس بالبداهة، وخديجة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها- هي أكثر إنسان يهمها هذا الأمر، لأن هذا زوجها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالأمر يهمها أكثر من أي إنسان آخر، والخبر لا يزال إِلَى الآن محصوراً فيها وفيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تريد أن يظهر إلا وهي متأكدة، فماذا حصل منها؟ جمعت بين دليلين: العقلي والنقلي.
أما العقل فهو هذا الذي نظرته بنظرها الثاقب.
وأما النقل فإنها ذهبت، إِلَى أصحاب الكتب الذين لديهم العلم، ولديهم الآثار عن الأنبياء، فذهبت إِلَى ورقة بن نوفل وأخذت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالت له: قُص عَلَى ورقة ماذا جرى لك، فلما أخبره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك قالورقة: {إن هذا لهو الناموس الذي نزل عَلَى موسى.