هذا الذي جَاءَ به المُصنِّفُ هنا ليبين لنا أصل الاعتراضات عَلَى الدين، ونحن نتكلم في مبحث وجوب التسليم لأمر الله وحكمه، ويأتي الاعتراض عَلَى دين الله، وشرعه، من ثلاثة مناهج وثلاثة طرق، وهذه الثلاثة هي أصل وأساس جميع الاعتراضات عَلَى دين الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
سن القوانين، ونشأتها
الاعتراض الأول: منازعة أصحاب القوانين وأصحاب السياسات، وهَؤُلاءِ هم الذين بين الله تَبَارَكَ وَتَعَالَىحالهم في القُرْآن الكريم في مواضع منها قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً [النساء:٦٠] وقوله: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ َ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:٦٥] وآيات سورة المائدة حينما تكلم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وتحدث عن اليهود وكيف أنهم تركوا حكم الله في التوراة، وتركوا إقامة التوراة والإنجيل.
ثُمَّ ذكر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بعد ذلك حكم من لم يحكم بما أنزل الله فَقَالَ تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:٤٤] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:٤٥] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:٤٧] فالاعتراض الأول: هو التحكيم أو التحاكم إِلَى غير دين الله، والرجوع إِلَى مصدر غير ما أنزل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى من الوحي.