وأما الأبيات المنتحلة أو المكذوبة، كأن يقول الرجل أبياتاً من عنده، وينسبها إِلَى أحد الشعراء، فيُقَالَ: إن هذه القصيدة مصنوعة أو منحولة، يُقَالَ: شعرٌ منحول أو شعر مصنوع، والذي في بعض النسخ مصنوع وهو الأرجح.
فإذا هذا البيت لم يقله الأخطل، فالقول الأول في رده: أنه لم يثبت أن هذا الشاعر قاله.
الوجه الثاني: ورود البيت برواية أخرى
ورد فيما نُسبَ إِلَى الأخطل برواية أُخرى غير رواية
إنَّ الكلامَ لَفِي الفؤادِ وإنَّما
وهي:
إنَّ البَيَانَ لَفِي الفؤادِ وإنَّما
والبيان غير الكلام، وإنما الخلاف والنقاش في موضوع الكلام، وأما البيان فهذا أمر آخر، فاللسان يعبر عما في الفؤاد من البيان بمعنى: أن الإِنسَان يسوغ الفكرة في قلبه، ثُمَّ يعبر عنها باللسان، أو بالكتابة، وهذا أمرٌ لا خلاف فيه ولا غبار عليه.
الوجه الثالث: أن الأخطل نصراني ولا يستدل بقوله
إذا قدرنا أن هذا البيت صحيح، وأنه بنفس لفظة (الكلام) فإنَّ الاستدلال به لا يجوز شرعاً؛ لأن الأخطل شاعر نصراني، ومعلوم أن شعراء العهد الأموي ثلاثة -الذين هم الطبقة الأولى-: جرير، والفرزدق، والأخطل وقد كَانَ الأخطل تغلبياًً نصرانياً من ديار بكر وتغلب التي تسكن في شمالالعراق، وكانت النصرانية قد دخلت العرب؛ لمجاورتهم للروم حيث دخلوا في دينهم، فكانوا عَلَى تلك الملة، والإِنسَان لابد أن تظهر عقيدته في كلامه وفي شعره وفي نثره، فإذا قال هذا الشاعر النصراني:
إنَّ الكلامَ لَفِي الفؤادِ وإنَّما
فلا غرابة في ذلك؛ لأن هذا اعتقاده ودينه الذي يدين به.
فالنَّصَارَى قد ضلوا في مفهوم الكلمة، حيث إنهم جعلوا عيسى عَلَيْهِ السَّلام هو نفس الكلمة، فهم يقولون: الكلمة تجسدت في عيسى، وعندهم أن عيسى هو كلمة الله بمعنى أنه هو ذات كلمة الله.