وهذا تناقض؛ لأنكم شبهتم الشيء الذي ليس بحرق ولا صوت، بأنه حُكي وعُبِّرَ عنه بشيء هو حرف وصوت، وهذا تناقض ودليل ملزم لهم، فالقرآن إذا أُطلق إنما هو هذه الآيات المحفوظة والمتلوة والمسموعة كما جاء في هذه الآيات التي ذكرها المصنف رحمه الله حيث استدل على الحرف بالحديث الذي أخرجه الترمذي وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أما إني لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) فهذا القرآن حروف وأصوت وقد سبق، وأن ذكرنا الدليل عليه في الحديث الصحيح:(إن الله -عز وجل- يتكلم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب) .
قال المصنف -رحمه الله- تعالى:
[قال الشيخ حافظ الدين النسفي -رحمه الله- في المنار إن القرآن اسم للنظم والمعنى.
وكذا قال غيره من أهل الأصول وما ينسب إلى أبي حنيفة -رحمه الله- أن من قرأ في الصلاة بالفارسية أجزأه فقد رجع عنه وقال: لا تجوز القراءة مع القدرة بغير العربية، وقالوا: لو قرأ بغير العربية فإما أن يكون مجنوناً فيداوى أو زنديقاً فيقتل، لأن الله تكلم به بهذه اللغة والإعجاز حصل بنظمه ومعناه] اهـ.
الشرح:
يستدل المصنف هنا على أصحاب أتباع مذهب الحنفية بكلام أحد أئمتهم المشهورين وهو حافظ الدين النسفي -رحمه الله- واسمه: عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي أبو البركات -رحمه الله- الذي توفي سنة ٧١٠هـ وله من المؤلفات التفسير المعروف بتفسير النسفي الذي سماه مدارك التنزيل وله كتاب المنار في أصول الفقه وهذا الذي نقل منه المصنف هذا الكلام وله في العقيدة كتاب عمدة العقائد أيضاً، كما هو مترجم له في كتاب الأعلام للزركلي (٤/٦٧) ، وهناك توجد المصادر التي نقل، منها كُتب طبقات الحنفية.