للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع ذلك يقول: اسمع هذا الكلام، وانظر ما أقوله لك عن مضار هذا العلم، وعلى ما فيه من تناقض، لأن من المشكلات العويصة في فكر أبي حامد الغزالي، التناقض والاضطراب، فمن يقرأ في أي كتاب من كتب الغزالي يجد أنه متناقض، فأحياناً يتناقض بعد صفحة أو صفحتين، فضلاً عن الكتاب أو الكتابين، وسبب التناقض سنعرفه عندما نتعرض لحياة أبي حامد الغزالي وكيف عاش؟ فإننا نجد في معرفة حياته أهمية نأخذ منها العبرة، ولو أن كل مسلم، وكل عالم، وكل داعية تأمل في حياة الغزالي، وسيرته، وما تقلب فيه من الأفكار، لأخذ العبرة والعظة، ولبدأ من حيث انتهى. فالرجل ذو العقل الضخم، والفكر الواسع، والمؤلفات الكبيرة، لماذا نجرب نفس التجربة؟ لماذا لا نبدأ من حيث انتهى؟

أبو حامد الغزالي: رحل من بلاد العجم، من بلاد دوس شرق إيران، ولد سنة ٤٥٠ للهجرة فأول ما برع في الفقه وبلغ فيه منزلة عالية، حيث كَانَ هناك العلماء والفقهاء من الشافعية حتى أصبح فقيها من فقهاء الشافعية يتكلم ويفتي ويعلق وهو لا يزال في مقتبل العمر.

تأثره بمذهب شيخه الجويني في علم الكلام

لقد دخل عَلَى الغزالي الداء العضال من قبل شيخه الإمام الكبير المشهور أبي المعالي الجويني، وشيخة هذا عَلَى شهرته وإمامته في مذهب الشافعية، وقع في الخطأ الكبير كما قال عن نفسه في الرسالة النظامية: لقد ركبت البحر الخضم، وخضت في الذي نهى عنه علماء الإسلام، وهو علم الكلام، وفي آخر المطاف تمنى أن يموت عَلَى عقيدة عجائزنيسابور، ولا يموت عَلَى علم الكلام والجدل الذي تعلمه وأضاع عمره فيه، فهل اتعظ التلميذ؟ كلا لم يتعظ.

<<  <   >  >>