للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد علَّم أبو المعالي تلميذه الشك؛ لأن علم الكلام كما قال الغزالي: يولد الشك والحيرة، مع أن الغزالي من قوة ذكائه، وبراعته في العلم كَانَ يفتي الناس، وأصبح طلاب العلم يتوافدون، ويتزاحمون عَلَى منبره وعلى بابه، ومع ذلك كَانَ الشك في قلبه، والنَّاس يسمعونه يفتي في الفقه وفي الأحكام من الخارج ولا يدرون بحقيقة هذا الشك، فالغزالي احتار وقَالَ: أين نجد اليقين الذي لا يعدله شيء في الدنيا؟ فليحمد الإِنسَان الله عَزَّ وَجَلَّ إذا وفق لليقين وللإيمان، وللاعتقاد الصحيح.

أما أهل الحيرة والشك، فلا يشبعهم في هذه الدنيا أي متاع أبداً، مادام عنده شك في دينه، مثل الفلاسفة، واليهود والنَّصَارَى والشيوعيين وأمثالهم يفكرون ليلاً ونهاراً في هذه المجرات يُقَالَ: إنها بالملايين وأعمارها بالملايين: ما الهدف منها؟ أشياء كثيرة محيرة لا حل ولا علاج لها إلا باليقين وبالإيمان الذي يأتي نتيجة قراءة كتاب الله وسنة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فهذا أبو حامد وُلد عَلَى الفطرة، ولكن علم الكلام أفسده عن طريق الشيخ الإمام أبي المعالي فهذا الشك جعلأبو حامد يقول: -كما ذكر عن نفسه في كتابه المنقذ من الضلال -: فكرت وفكرت فقلت: إن الحق لا يخرج عن أربعة أصناف - المتكلمون: أهل علم الكلام لعل الحق عندهم، واليقين يُستفاد عن طريقهم، ثُمَّ الباطنية، وهَؤُلاءِ قد سبق أن تحدثنا عنهم حيث يقولون: إنهم تلقوا العلم والهدى عن طريق الإمام المعصوم، وأهل الكلام يقولون: اليقين يتلقى عن طريق العقل والبحث، ثُمَّ الفلاسفة: قالأبو حامد: لو دخلت في الفلسفة ربما اهتديت ووجدت اليقين، ثُمَّ الصوفية.

<<  <   >  >>