للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل وعدت إِلَى تصحيح أول منزل.

والأصل أن الغزالي لما بدأ من صحيح البُخَارِيّ، هنا يكون أول منزل؛ لأن الكتاب والسنة هي: المنزل الأول الذي يجب أن ينطلق منه الإِنسَان، ويبدأ منه الطريق، ويترك ما عداها، ويترك الهوى الآخر، والكلام والباطنية، والفلسفة والتصوف وتوفي -رَحِمَهُ اللَّهُ- سنة خمسمائة وخمس.

وهذه كانت آخر مرحلة في حياته، والغربيين لم يكتبوا عن أحد من علماء الإسلام مثل ما كتبوا عن أبي حامد الغزالي، ألفوا عنه وكتبوا، وإلى الآن تحضر رسائل ماجستير ودكتوراه عن الغزالي، وذلك لأن الغزالي تأثر به رجل غربي مفكر مشهور، وهو ديكارت حيث يعتبرديكارت من دعائم وأسس النهضة العقلية والفكرية فيأوروبا.

لقد قرأ ديكارت كلام الغزالي في مرحلة الشك -لما شك في كل شيء- يقول: أشك في العلم التقليدي، أي: الدين -الكتاب والسنة- أي أنه: أول ما بدأ يشك -والعياذ بالله- في هذا الدين.

يقول: هذا تقليد لما شك فيه الغزالي. يقول: الشك يُوصل إِلَى النظر، والنظر يوصل إِلَى اليقين، أولاً تشك ثُمَّ تتأمل ثُمَّ تفكر ثُمَّ تنظر، وتصل إِلَى اليقين بعد ذلك -هكذا كَانَ يظن ولم يصل- ثُمَّ تنقل في هذه المذاهب الأربعة الفكرية وأخيراً رجع إِلَى أول منزل، وهو إِلَى الكتاب والسنة، وديكارت، أخذ هذا الشك وقَالَ: كانت أوروبا تعيش فعلاً في ظلام دامس وكان هذا الظلام نتيجة التقليد، وكان البابوات ورجال الدين يفرضون أي شيء، ويؤمنون بالأناجيل عَلَى ما فيها من تناقض، وبكتب ورسائل بولس وأمثاله عَلَى ما فيها من كذب وتناقض واضطراب، فكان الإِنسَان الغربي يؤمن بأي شيء إيماناً وتقليداً أعمى.

<<  <   >  >>