فلما جَاءَ ديكارت قَالَ: لا بد أن نشك، ومن الشك ننطلق إِلَى النظر، ومن النظر نصل إِلَى اليقين، لكن هناك فرقاً بين من يشك في الإسلام لأنه يشك في الحق، وبين من يشك في النصرانية لأنه يشك في الباطل، فلما شك ديكارت وقال العبارة المشهورة:"أنا أفكر إذاً أنا موجود" شك في كل شيء حتى في نفسه، فبدأ يقول: ما الدليل عَلَى أنني موجود؟ قَالَ: لأني أفكر هل أنا موجود أو غير موجود، وما دمت أفكر هل أنا موجود أو غير موجود إذاً: أنا موجود، وبدأ من أول الطريق، ومن أول منزل كما قال الغزالي.
فأخذت أوروبا واستفادت منديكارت أنها تشك في كل ما جاءها عن الكنيسة ورجال الدين والأناجيل المحرفة، ولما شكت أوروبا ونظرت، وجدت أنها فعلاً كانت تعتقد الضلال، فبذلك انتقلت من العلم التقليدي، ومن منطق أرسطو، ومن علم الدين والضلال الذي كانت عليه إِلَى العلم التجريبي. والعلم التجريبي: الحق فيه واضح لأن العلم الغيبي لا يظهر الحق فيه إلا في الدار الآخرة، فأوروبا بدأت تسلك هذا الطريق، فتجربة وراء تجربة وتقدمت في المجال الصناعي نتيجة أخذ هذا العلم عن طريق الْمُسْلِمِينَ وقضايا أخرى.
ديكرت والنهضة الأوروبية
يُعَّدُديكارت من دعائم عصر النهضة الأوروبية، فالغربيون أعجبوا بهذا للسبب المتقدم، ولسبب آخر هو: أن الغزالي إمام كبير من أئمة الإسلام وشك في دينه الإسلام، وسمى الوحي بالعلم التقليدي، وهذا هو الذي يريدونه، فكل طالب ابتعث إِلَى أوروبا، وخاصة في جامعة الصوربون في فرنسا وهي مهتمة كثيراً بالغزالي وعلومه.