عنه، بادعاء أنها تشبه صفة المخلوق. فيكون مشبهًا أولًا، معطلًا ثانيًا. ضالًّا ابتداءً وانتهاءً، متهجِّمًا على رب العالمين، بنَفْي صفته عنه بادعاء أن تلك الصفي لا تليق.
واعلموا أن هنا قاعدة أصولية أطبق عليها من يعتدُّ به من أهل العلم، وهي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا سيما في العقائد. ولا سيما لو مشينا على فرضهم الباطل، أن ظاهر آيات الصفات الكفر، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤول الاستواء بـ "الاستيلاء"، ولم يؤول شيئًا من هذه التأويلات. ولو كان المراد بها هذه التأويلات لبادر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيانها؛ لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة.
فالحاصل أنه يجب على كلِّ مسلم أن يعتقد هذا الاعتقاد الذي يحل جميِع الشُّبَه، ويجيبُ عن جميع الأسئلة= أن الإنسان إذا سمع وصفًا وصَفَ به خالقُ السموات والأرض نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - فليمتلأ صدْرُه من التعظيم، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين. فيكون القلب منزِّهًا معظِّمًا له جل وعلا، غير متنجس بأقذار التشبيه. فتكون أرض قلبه قابلة للإيمان والتصديق بصفات الله التي تمَدَّح بها، وأثنى عليه بها نبيه - صلى الله عليه وسلم -، على غرار {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى / ١١] والشرُّ كل الشرِّ في عدم تعظيم الله، وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فيضطر المسكين أن ينفي صفة الخالق بهذه الدعوى