ثم نذهب إلى الصفات السبع التي يسمونها المعنوية. والتحقيق أن عدَّ الصفات السبع المعنوية التي هي كونه تعالى قادرًا ومُريدًا وعالمًا وحيًّا وسميعًا وبصيرًا ومتكلمًا= أنها في الحقيقة إنما هي كيفية الاتصاف بالمعاني السبع التي ذكرنا. ومن عدَّها من المتكلمين عدّوها بناءً على ثبوت ما يسمونه الحال المعنوية التي يزعمون أنها واسطة ثبوتية، لا معدومة ولا موجودة. والتحقيق أنَّ هذه خرافة وخيال. وأن العقل الصحيح لا يجعل بين الشيء ونقيضه واسطة ألبتة، فكل ما ليس بموجود فهو معدوم قطعًا، وكل ما ليس بمعدوم فهو موجود قطعًا، ولا واسطة ألبتة، كما هو معروف عند العقلاء. فإذًا قد مثلَّنا لكونه قادرًا وحيًّا ومريدًا وسميعًا وبصيرًا ومتكلمًا، لما جاء في القرآن من وصف الخالق بذلك وما جاء في القرآن من وصف المخلوق بذلك، وبيَّنا أن صفة الخالق لائقة بكماله وجلاله وأن صفة المخلوق مناسبة لحاله وفنائه وعجزه وافتقاره، فلا داعي لأن ننفي وصف رب السموات والأرض عنه لئلّا نشبِّهَه بصفات المخلوقين، بل يلزم أن نقر بوصف الله، ونؤمن به في حال كوننا منزِّهين له عن مشابهة صفة المخلوق.
هذه صفات الأفعال جاء في القرآن بكثرة وصفُ الخالق بها ووصف المخلوق، ولا شك أن ما وُصِف به الخالق منها مخالف لما وُصِف به المخلوق، كالمخالفة التي بين ذات الخالق وذات المخلوق. من ذلك أنه وصف نفسه جل وعلا بصفة الفعل التي هي أنه يرزق الخلقَ. قال جل وعلا: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ