أما الله جل وعلا فلم يصف في كتابه نفسه بالقدم، وبعض السلف كره وصفه بالقدم، لتشبيهه بـ:{كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس: ٣٩]{إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}[يوسف: ٩٥] {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦)} [الشعراء: ٧٦] وقد جاء فيه حديث، بعض العلماء يقول: هو يدل على وصفه بهذا، وبعضهم يقول: لم يثبت.
أما الأولية والآخرية التي نص الله عليهما في قوله:{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ}[الحديد: ٣] فقد وصف المخلوقين أيضًا بالأولية والآخرية، قال: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧)} [المرسلات: ١٦، ١٧] ولا شك أن لله أوَّليَّة وآخريَّة لائقتان بكماله وجلاله، كما أن للمخلوقين أولية وآخرية مناسبة لحالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم.
وصف نفسه بأنه واحد، قال:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[البقرة: ١٦٣] ووصف بعض المخلوقين بذلك، قال:{يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ}[الرعد: ٤] وصف نفسه بالغنى {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)} [إبراهيم: ٨] {فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)} [التغابن: ٦] ووصف بعض المخلوقين بالغنى، قال {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}[النساء: ٦]{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور: ٣٢]. فهذه صفات السلب، جاء في القرآن وصف الخالق والمخلوق بها. ولا شك أن ما وُصِفَ به الخالق منها لائق بكماله وجلاله. وما وُصِف به المخلوق مناسب لحاله وعجزه وفنائه وافتقاره.