وتأملوا لم قال تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} ولم يقل: ولا تزنوا؛ لأن النهي عن القرب منه يستلزم التباعد من جميع الوسائل التي توصل إليه، ولأن من قرب من الشيء كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه. فما أجمل تعاليم القرآن وآدابه السماوية، وما أحسن ما تدعو إليه من النزاهة والفضيلة والتباعد عن الرذائل.
وأما أدلة السنة: فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - قال:"إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال:"الحمو الموت" انتهى، أخرج هذا الحديث الشيخان وغيرهما.
أما البخاري فقد أخرجه في كتاب النكاح في باب لا يخلو رجل بامرأة إلا ذو محرم إلخ. وأما مسلم فقد أخرجه في كتاب السلام في باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها.
والمراد بالحمو فيه قريب الزوج الذي ليس بمحرم لها كأخيه وابن أخيه وعمه ونحو ذلك، فقد صدَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلامه في هذا الحديث بصيغة التحذير التي هي:"إياكم والدخول على النساء" وهو تحذير شديد نبوي من الاختلاط بهن، ثم لما سأله الأنصاري عن قريب زوجها يدخل عليها؟ عبَّر - صلى الله عليه وسلم - عن دخوله عليها بالموت، والموت هو أفظع حادث يقع في الإنسان بالدنيا كما قال الشاعر: