للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أن تدل على معنى وجودي زائد على الذات. والذين قالوا هذا جعلوا الصفات السلبية عندهم خمسًا لا سادسة لها، وهي عندهم: القدم، والبقاء، والمخالفة للخلق، والوحدانية، والغنى المطلق الذي يسمونه القيام بالنفس الذي يعنون به الاستغناء به عن المخصِّص المحل.

فإذا عرفتم هذا فاعلموا أن القدم والبقاء اللذين وصف المتكلمون بهما الله جل وعلا زاعمين أنه وصف بهما نفسه في قوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: ٣] والقِدَم في الاصطلاح عندهم: عبارة عن سلب العدم السابق، إلا أنه عندهم أخص من الأزل؛ لأن الأزل عبارة عما لا افتتاح له، سواء كان وجوديًّا أو عدمًا. والقدم عندهم: عبارة عما لا أول له، بشرط أن يكون وجوديًّا، كذات الله متصفة بصفات الكمال والجلال.

ونحن الآن نتكلم على ما وصفوا به الله جل وعلا من القدم والبقاء، وإن كان بعض العلماء كره وصفه جل وعلا بالقدم لما يأتي. فالله جل وعلا وصف المخلوقين بالقدم، قال: {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥)} [يوسف: ٩٥] {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)} [يس: ٣٩] {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦)} [الشعراء: ٧٦].

ووصف المخلوقين بالبقاء قال: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)} [الصافات: ٧٧] {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦].

ولا شك أن ما وُصفَ به الله من هذه الصفات [مخالف لما وصف به الخلق نحو ما تقدم] (١).


(١) انقطع التسجيل هنا، وأكملناه بما بين المعكوفين.

<<  <   >  >>