المصدر اسمُ ما سوى الزمانِ من ... مدلولي الفعل كأَمْن مِن أَمِن
وقد حرر علماء البلاغة في مبحث الاستعارة التبعية، أنه ينحل عن (مصدر، وزمن، ونسبة) فالمصدر كامن في مفهومه إجماعًا، فـ {يُحِيطُونَ} تكمن في جوفها (الإحاطة) فيتسلط النفي على المصدر الكامن في الفعل، فيكون مثلًا يُبْنَى معه على الفتح، فيصير المعنى: لا إحاطةَ علمٍ برب السموات والأرض. فينفي جنس أنواع الإحاطة عن كيفيتها. فالإحاطة المسندة للعلم منفية عن رب العالمين.
فلا يشكل عليكم بعد هذا صفة نزول ولا مجيء، ولا صفة يد ولا أصابع، ولا عَجَب ولا ضحك، لأن هذه الصفات كلها من باب واحد. فما وصف الله به نفسه منها فهو حق، وهو لائق بكماله وجلاله، لا يشبه شيئًا من صفات المخلوقين. وما وُصِف به المخلوقون منها فهو حق مناسب لعجزهم وفنائهم وافتقارهم. وهذا الكلام الكثير أوضحه الله في كلمتين: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} ليس كمثله شيء تنزيه بلا تعطيل. وهو السممع البصير إيمان بلا تمثيل. فيجب من أول الآية {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} التنزيه الكامل الذي ليس فيه تعطيل، ويلزم من قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} الإيمان بجميع الصفات الذي ليس فيه تمثيل. فأول الآية تنزيه، وآخرها إيمان. ومن عمل بالتنزيه الذي في {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} والإيمان الذي في قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} وقطع النظر عن إدراك الكُنْه