والتعظيم والإكبار لصفة رب العالمين التي مدح بها نفسه وأثنى عليه بها، فجزم بأن تلك الصفة التي تمَدَّح بها خالق السموات والأرض بالغة من غايات الكمال والجلال ما يقطع علائق أوهام المشابهة بينها وبين صفات الخلق، لأن الصفة لا يمكن أن تشبه صانعها في ذاته، ولا في شيء من صفاته.
وبإجلال تلك الصفة وتعظيمها وحَمْلها على أشرف المعاني اللائقة بكمال من وصف بها نفسه وجلاله، يسهل على ذلك المؤمن السلفي أن يؤمن بتلك الصفة، ويثبتها لله كما أثبتها الله لنفسه على أساس التنزيه. فيكون أولًا: منزِّهًا سالمًا من أقذار التشبيه. وثانيًا: مؤمنًا بالصفات، مصدقًا بها على أساس التنزيه. فيكون سالمًا من أقذار التعطيل.
فيجمع التنزيه والإيمان بالصفات على نحو {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}.
فمعتقده طريق سلامة محققة، لأنه مبني على ما تضمنته آية {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} الآية من التنزيه، والإيمان بالصفات. فهو تنزيه من غير تعطيل، وإيمان من غير تشبيه ولا تمثيل. وكل هذا طريق سلامة محققة، وعمل بالقرآن. فهذا هو مذهب السلف.
وأما ما يسمونه مذهب الخلف؛ فالحامل لهم فيه على نفي الصفات وتأويلها هو قصدهم تنزيه الله عن مشابهة الخلق. ولكنهم في محاولتهم لهذا التنزيه وقعوا في ثلاث بلايا. ليست واحدة منها إلا وهي أكبر من أختها.