استوى "استولى"، ويستدلون بقول الراجز في إطلاق الاستواء على الاستيلاء:
قد استوى بشرٌ على العراق ... من غير سيف ودَمٍ مُهْراق
ولا يدرون أنهم شبهوا استيلاء الله على عرشه الذي زعموه باستيلاء بشر بن مروان على العراق، فأي تشبيه بصفات المخلوقين أكبر من هذا؟!
وهل يجوز لمسلم أن يُشَبِّه صفةَ الله التي هي الاستيلاء المزعوم بصفة بشر التي هي استيلاؤه على العراق؟ وصفة الاستيلاء من أوغل الصفات في التشبيه بصفات المخلوقين، لأن فيها التشبيه باستيلاء مالك الحمار على حماره، ومالك الشاة على شاته. ويدخل فيها كل مخلوق قَهَر مخلوقًا واستولى عليه.
وفي هذا من أنواع التشبيه ما لا يحصيه إلا الله.
فإن زعم من شبه أولًا، وعطل ثانيًا، وشبه ثالثًا أيضًا، أن الاستيلاء المزعوم منزه عن مشابهة استيلاء المخلوقين، قلنا: نحن نسألك ونطلب منك الجواب بإنصاف: أيهما أحق بالتنزيه عن مشابهة الخلق؛ الاستواء الذي مَدَح الله به نفسه في محكم كتابه وهو نفس القرآن الذي يُتْلى، ولتاليه بكل حرف منه عشر حسنات لأنه كلام الله، أم الأحق بالتنزيه هو الاستيلاء الذي جئتم به من تلقاء أنفسكم من غير استناد إلى وحي؟