الوسائل في إهانتهم بأنواع الإهانات الدنيوية والأخروية، ومن المعلوم أن من أعظم الإهانات الأدبية كشف عورة الإنسان ونزع ثيابه التي تستره عنه، وهذه الإهانة الأدبية العظيمة هي أول إهانه ظفر بها إبليس فأهان الله بها آدم وحواء، كما صرح الله بذلك في قوله:{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا}[الأعراف: ٢٠]. وقوله:{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}[الأعراف: ٢٢]، وكونهما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة يدل على عملهما وكدحهما ليُخَفِّفا من ضرر الإهانة التي تسبب لهما منها عدوهما إبليس.
وقد نادى الله -عزَّ وجلَّ- بني آدم نداءً سماويًّا ونهاهم عن أن يغشهم الشيطان ويهينهم كما أهان أبويهم آدم وحواء، وذكر من ذلك أمرين أحدهما: الإخراج من الجنة، والثاني: نزع اللباس وإبداء السوأة التي هي العورة، فجعل نزع اللباس وإبداء العورة مقرونًا بالإخراج من الجنة، وفي ذلك دليل على أن كليهما له وقع شديد، وأنه أذية بالغة وإهانة عظيمة وذلك في قوله تعالى:{يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}[الأعراف: ٢٧] وبهذا تعرفون أن كشف العورة وإبداء السوأة مقصد أصيل عريق من مقاصد إبليس ليهين بها كرامة النوع الآدمي، وإهانة كرامتهم تسره وتقر عينه لعداوته لهم.
ولم يزل إبليس يحاول إهانة بني آدم بكشف العورة وإبداء السواة حتى بلغ غايته من ذلك، وقد كان حَمَل العرب في الجاهلية على أن يخلعوا جميع ثيابهم عند الطواف بالبيت الحرام حتى يهينهم بكشف