للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصالح فهل إليه سبيل أو لا؟ قلنا: لا سبيل إليه مع كثرة الأموال في أيدي الجنود، أما إذا خلت الأيدي من الأموال ولم يكن من مال المصالح ما يفي بخراجات العسكر، ولو تفرق العسكر واشتغلوا بالكسب لخيف دخول الكفار بلاد الإسلام، أو خيف ثوران الفتنة من أهل الفرقة في بلاد الإسلام، فيجوز للإمام أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند، ثم إن رأى في طريق التوزيع التخصيص بالأراضي فلا حرج، لأنا نعلم أنه إذا تعارض شرّان أو ضرران قَصَدَ الشرع دفع أشد الضررين وأعظم الشرّين، وما يؤديه كل واحد منهم قليل بالإضافة إلى ما يخاطر به من نفسه وماله لو خلت خطة الإسلام عن ذي شوكة يحفظ نظام الأمور، ويقطع مادة الشرور، وكان هذا لا يخلو عن شهادة أصول معينة، فإن لولي الطفل عمارة القنوات، وإخراج أجرة الفصاد وثمن الأدوية، وكل ذلك تنجيز خسران لتوقع ما هو أكثر منه، وهذا أيضًا يؤيد مسلك الترجيح في مسألة التترُّس، لكن هذا تصرف في الأموال. والأموال مبتذلة يجوز ابتذالها في الأغراض التي هي أهم منها. وإنما المحظور سفك دم معصوم من غير ذنب سافك" اهـ محل الغرض منه.

وهو يدلُّ على العمل بالمصلحة المرسلة في أخذ الإمام الأموال من الناس ليهيئْ بها الجند؛ لحفظ بلاد المسلمين من الكفار والظلمة، ولا شكَّ أن حفظ بلاد المسلمين، يجب على ولاة المسلمين وإن لم يكن لذلك طريق ممكنة إلا أخذ بعض الأموال من الأغنياء. ولا خلاف في ارتكاب أخفِّ الضررين وجواز العمل به وإن كانت مصلحة مرسلة.

واعلم أن ما فعله عمر - رضي الله عنه - من عدم قسمه للأرض

<<  <   >  >>