للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُبْلَغُ مَدَاهُ فِي الْعِنَايَةِ بِصِنَاعَةِ الْحَدِيثِ وَتَقْيِيدِ الآثَارِ وَخِدْمَةِ الْعِلْمِ مَعَ حُسْنِ التَّفَنُّنِ فِيهِ والتصرف الكامل في فهم معانيه إلى اضطلاعه بِالآدَابِ وَتَحَقُّقِهِ بِالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ وَمَهَارَتِهِ فِي الْفِقْهِ ومشاركته في اللغة والعربية وبالجملة فكان جمال العصر ومفخر الأفق وبلبوع الْمَعْرِفَةِ ومَعْدِنَ الإِفَادَةِ وَإِذَا عُدَّتْ رِجَالاتُ الْمَغْرِبِ فَضْلا عَنِ الأَنْدَلُسِ حُسِبَ فِيهِمْ صَدْرًا وَلَهُ تواليف مُفِيدَةٌ كَتَبَهَا النَّاسُ وَانْتَفَعُوا بِهَا وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ كل طايفة لَهَا وَفِي مَشَارِقِ الأَنْوَارِ مِنْهَا كَانَ أَبُو عَمْرٍو الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّلاحِ يُنْشِدُ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ سَمِعَهُ:

مَشَارِقُ أنْوَارٍ تَسَنَّتْ بِسَبْتَةٍ وَذَا عَجَبٌ كَوْنُ الْمَشَارِقِ بِالْغَرْبِ

وَوَلِيَ قضا بلده مدة طويلة ثم نقل إلى قضا غَرْنَاطَةَ فَلَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ بِهَا وُأُعِيدَ إِلَى سَبْتَةَ ثَانِيَةً وَمِنْهَا أَشْخَصَ إِلَى مَرَاكِشَ وَفِيهَا تُوُفِّيَ مُغَرَّبًا عَنْ وَطَنِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعِ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ٥٤٤ وَدُفِنَ بِبَابِ إيلان دَاخِلَ الْمَدِينَةِ وَمَوْلِدُهُ مُنْتَصَفَ شَعْبَانَ سَنَةَ ٤٧٦ وَمِنْ شِعْرِهِ مَا أَنْشَدَنَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ سَالِمٍ قَالَ أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ زَرْقُونَ قَالَ أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضٌ لِنَفْسِهِ ارْتِجَالا وَقَدْ نَظَرَ إِلَى زَرْعٍ يتخلل الشعر خضرته.

انظز إِلَى الزَّرْعِ وَخَامَاتِهِ تحكى وَقَدْ وَلَّتْ أَمَامَ الرياح

كتبته خضراً مقرومة شقايق النعمان فيها جِراح

حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ عَنِ الْقَاضِي أَبِي الْفَضْلِ عِيَاضٍ كَتَبَ إِلَيْهِ وَقَرَأْتُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ حوط اللَّهِ قَالَ أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَشْكُوَالَ وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ قَالَ أَنَا الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيَاضٍ الْيَحْصِبِيُّ

<<  <   >  >>