للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي: "عَقْد الذمة (١) يوجب إقرارهم على تكذيبه لا على سبِّه - صلى الله عليه وسلم -".

فنقول: الآثار عن الصحابة وعن السَّلف كلها مطلقة فيمن شتم من مسلمٍ ومعاهدٍ لم يُفَصِّلوا بين شتمٍ وشتمٍ، ولا بين أن يكرر الشتم أو لا يكرره، أو يُظهره أو لا يظهره، وأعني بقولي: "لا يظهره"، أن لا يتكلَّم به في ملأٍ من المسلمين، وإلَّا فالحدُّ لا يُقَام عليه حتى يشهد مسلمان أنهما سمعاه يشتم أو يُقرُّ بالشتم، اللهم إلا أن يُفْرَض أنه شتمه في بيته خاليًا؛ فسمعه جيرانه المسلمون أو من استرقَ السمع منهم.

وقال مالك وأحمد: كل من شتمه أو تنقَّصَه مسلمًا كان أو كافرًا قتِل (٢)، وكذلك أطلقه سائر أصحابنا: أنه إن تنقَّصَه قُتِلَ مسلمًا كان أو كافرًا.

وذكر القاضي وابنُ عقيل: أنَّ ما أبطل الإيمان أبطل الأمانَ إذا أظهروه، وطَرَد ابنُ عقيلٍ (٣) هذا القياس في كلَّ ما ينقض الإيمان من التثْنِية والتثليث (٤)، كقول النصارى: إن الله ثالث ثلاثة، ونحو ذلك: أن الذمي متى أظهرَ ما يعلم (٥) من دينه من الشرك نقضَ العهدَ.


(١) في "الصارم": "الأمان".
(٢) انظر ما تقدم ص/ ٩٠ - ٩١.
(٣) في "الصارم": "وطرد القاضي وابن عقيل ... ".
(٤) التثنية في عقيدة المجوس: اعتقاد التدبير والنفع والضُّر في (النور والظُّلمة).
والتثليث هي عقيدة النصارى: المعروفة في الأب والابن وروح القدس.
(٥) في "الصارم": "ما تعلمه".

<<  <   >  >>