للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سبَّه أن (١) يقول: أنا اعتقده دينًا. وحينئذٍ فنقول:

التكلُّم في تمثيل سبَّه وذكر صفة (٢) ذلك مما يثقُل على القلب واللسان، ونحن نتعاظم أن نَفُوهَ بذلك؛ لكن للحاجة إلى الكلام فنحن نفرض الكلام في أنواع السبِّ مطلقًا من غير تعيين، والفقيه يأخذ حظَّه من ذلك فنقول:

السبُّ نوعان: دعاءٌ وخبر، أما الدعاء: فمثل أن يقول القائل لغيره من الناس: لَعَنَه الله، قبَّحه الله، أخزاه الله، لا رَحِمه الله، لا رضي الله عنه، قطعَ اللهُ دابِره، فهذا سبٌّ للأنبياء ولغيرهم، وكذلك لو قال عن نبيٍّ: لا صلَّى الله عليه ولا سلَّم، أو: لا رفع الله ذكرَه، أو: مَحَى الله اسمه، ونحو ذلك من الدعاء بما فيه ضررٌ في الدنيا أو في الدين أو في الآخرة، فهذه كلُّه إذا صدر من مسلمٍ أو من معاهدٍ فهو سبٌّ، فيُقْتَل المسلم بكلَّ حالٍ، والذميُّ يُقْتَل بذلك إذا أظهره.

فأما إن أظهرَ الدعاءَ له وأبطنَ الدعاءَ عليه إبطانًا يُعرف من لَحْن القول، بحيث يفهمه بعض الناس دون البعض، مثل قوله: "السام عليكم" إذا أخرجه مخرج التحية، وأظهر أنه يقول: "السلام"؛ ففيه قولان:

أحدهما: أنه من السبِّ الذي يُقْتَل به، وإنما كان عفو النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اليهودي حين حيَّاه بذلك حالَ ضعف الإسلام، لمَّا كان مأمورًا بالعفو، وهذا قول طائفةٍ من المالكية والشافعية والحنبلية (٣).


(١) غير محررة في الأصل، وفي "الصارم" كما هو مثبت.
(٢) "الصارم": "صفته"!
(٣) انظر "الشفا": (٢/ ٤١٥ - ٤١٦)، و"فتح الباري": (١٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤).

<<  <   >  >>