للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التصديق بذلك.

وهو - أيضًا - استهزاء واستخفاف به؛ لأنه يزعم أنه أمر بأشياء ليست مما أمر به، بل وقد لا يجوز الأمرُ بها، وهذا نِسبة [له] إلى السَّفَة، أو أنه يُخبر بأشياء باطلة، وهذا نسبة له إلى الكذب، وهو كفر صريح.

وبالجملة؛ فمن تعمَّد الكذب على الله، فهو كالمتعمِّد لتكذيب الله وأسوأ حالًا، فكذلك الكذب على رسوله كالتكذيب له.

قال شيخ الإسلام (١): "واعلم أن هذا القول في غاية القوة" - وذكر له أدلة لا يمكن دفعها قوَّةً وكثرةً (٢) - ثم قال: "لكن يتوجَّه أن يُفرَّق بين الذي يكذب عليه مشافهةً، وبين الذي يكذب عليه بواسطة، مثل أن يقول: حدثني فلان بن فلان عنه بكذا، فإن هذا إنما كذبَ على ذلك الرجل، فأما إن قال: هذا الحديث صحيح، أو ثبت عنه أنه قال ذلك عالمًا بأنه كَذِب، فهذا قد كذبَ عليه.

أما إذا افتراه ورواه روايةً ساذَجَةً؛ ففيه نظر.

وأما من روى حديثًا وهو يعلم أنه كذب؛ فهو حرام، لكن لا يكفر، إلا أن ينضمَّ إلى روايته ما يوجب الكفر؛ لأنه صادق في أن شيخه حدَّثه به، وعلى هذا؛ فمن سبَّه فهو أولى بالقتل ممن كذب عليه، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بقتل الذي كذبَ عليه من غير استتابة، فكذلك السَّابّ وأولى.


(١) "الصارم": (٢/ ٣٣٣).
(٢) ما بين المعترضتين من كلام المختَصِر.

<<  <   >  >>