للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والقول الثاني: أن الكاذب عليه تُغَلَّظ عقوبته ولا يكفر ولا يجوز قتلُه، لأن موجبات الكفر والقتل معلومة، وليس هذا منها، فلا يجوز أن يثبت ما لا أصل له. ومن قال هذا فلا بُدَّ أن يقيِّد كلامه بأنه لم يكن الكذِبُ عليه متضمِّنًا لعيبٍ ظاهر، فأما إن أخبر أنه سمعه يقول كلامًا يدلُّ على نقصِه وعيبِه دلالةً ظاهرةً، مثل حديث: عَرَق الخيل (١)، ونحوه من التُّرَّهات، فهذا مستهزِئٌ به استهزاءً ظاهرًا، ولا ريب أنه كافر حلال الدم. ذكر ذلك شيخ الإسلام.

فهذا الرجل كذبَ عليه كذبًا يتضمَّن عَيْبَه وانتقاصَه؛ لأنه زعم أنه حكَّمه في دماء قومٍ وأموالهم، وأذن له أن يبيتَ حيث شاء من بيوتهم، ليبيت عند تلك المرأة ويفجر بها.

ومن زعمَ أنه حلَّل المحرَّمات، فقد انتقصَه وعابَه، فثبت أن الحديث نصٌّ في قتل الطاعن على كلا القولين، وهو المطلوب، أما على الأوَّل؛ فلأنه كافر، وأما على الثاني؛ فلأنه طاعن، ويؤيد الأول أنهم لو ظهر لهم طعنٌ وسبٌّ لبادروا إلى الإنكار عليه.

الحديث الرابع عشر (٢): حديث الأعرابيِّ الذي قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لما أعطاه: ما أحسنتَ ولا أجملتَ، فأراد المسلمون قتلَه، فقال: "لو قَتَلْتُموه لدخلَ النَّارَ" (٣).


(١) حديث موضوع مُخْتَلَق، أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات": (١/ ١٠٥) وقال عقبة: "هذا حديث لا يشك في وضعه، وما وضع مثل هذا مسلم" اهـ.
(٢) "الصارم": (٢/ ٣٣٩).
(٣) أخرجه البزار "الكشف: ٣/ ١٥٩ - ١٦٠" وأبو الشيخ في "أخلاف النبي": (١/ ٤٧٢ رقم ١٧٧)، وفيه إبراهيم بن الحكم شديد الضعف.

<<  <   >  >>