للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا الاعتبار، فمن وجوه:

أحدها: أن عيب ديننا وشتم نبينا مجاهدة لنا ومحاربة؛ فكان نقضًا للعهد كالمحاربة باليد وأوْلَى.

يُبَين ذلك قوله: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (١) [التوبة: ٤١]، والجهاد في النفس يكون باللسان كما يكون باليد.

الوجه الثاني: أنا وإن أقررناهم على ما يعتقدونه من الكفر، فهو إقرار على ما يُضْمِرونه من العداوة، وأما إظهار السبِّ لله ولرسوله ودينه؛ فهو محاربة تنقض العهدَ.

الوجه الثالث: أنَّ مطلق العهد الذي بيننا وبينهم يقتضي أن يكفُّوا عن إظهار الطعن والشتم، كما يقتضي الإمساك عن سفك الدماء، بل السبّ أعظم من سفك الدماء، لأنا نبذل المال والنفسَ على أن نعزِّر الرسول ونعظَّمه ويعلو الدين (٢)، وهم يعلمون ذلك من ديننا فإذا خالفوه انتقض عهدُه.

الوجه الرابع: أن العهد الذي عاهدهم عليه عمر - رضي الله عنه - قد بيَّن فيه ذلك وشَرَطَه عليهم، كما روى ذلك حَرْب بإسنادٍ صحيح عن عبد الرحمن بن غَنْم (٣).


(١) وقع في الأصل: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}! ولا توجد آية بهذا النظم، ولعله سبق قلم.
(٢) كذا قرأت العبارة، وهي في "الصارم": (٢/ ٣٩٢): " ... ونبذل الأموال في تعزير الرسول وتوقيره ورفع ذكره وإظهار شرفه وعلو قدره ... ".
(٣) في كتاب عمر - رضي الله عنه - حين صالح نصارى الشام.

<<  <   >  >>