للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رفع فلان عقيرته إذا قرأ وغنى (ولا يقال في غير الخبر). وفي القاموس: العقيرة صوت الباكي والقارئ.

فالعقيرة - إذًا - تطلق على الصوت إطلاقًا لغويًا صحيحًا كما تطلق على القائمة المعقورة. وجاء في كلامهم: "إن أصل إطلاق العقيرة على الصوت، أن أعرابيًا عقرت رجله فرفع صوته صارخًا متألمًا رافعًا رجله العقيرة من الألم.". وفي التاج: "قيل أصله أن رجلًا عقرت رجله فرفع العقيرة على الصحيحة وبكى عليها بأعلى صوته، فقيل: رفع عقيرته، ثم كثر ذلك حتى سمي الصوت بالغناء: عقيرة.".

وقد سموا النطع بناء ومبناة لأنه من الأديم، وكانوا يتخذون منه القباب (كذا جاء في الأساس) فسموا النطع، أديمًا كان أو غير أديم، بالبناء. وقالوا: سيف سباب العراقيب: كأنما يعاديها ويسبها (كذا في الأساس).

مثال في توسع الكلمات من هذه الأصوات:

وإننا نجد أن حكاية بعض الأصوات قد توسع فيها توسعًا جعل منها ألفاظًا كثيرة لمعان كثيرة، حتى إن بعض تلك المعاني بعد عن الأصل بعدًا يجعل اتصاله به محل شك وريبة، وذلك مثل: قط، بمعنى قطع، ومقطعها شبيه بالصوت الطبيعي للقطع وهي تدل عليه.

ثم كانت الطاء دالًا، وهما أختان تتعاقبان في الكلام، وتبدل إحداهما من الأخرى فقيل: قد، ودلت على القطع طولًا، ثم خرجت بالمجاز إلى معنى القامة. وقيل: قد الطريق، بمعنى قطعها. ومن ذلك سمي الطريق "مقدًا" وسميت قطع اللحم "قددًا". وجعل القديد لليابس من قطع اللحم. وقيل للسير الغير المدبوغ من الجلد "قد". وقيل: القدة، للفرقة من الناس.

وجاء في معناه - قت - وأبدلت دالها ذالًا فقيل: قذ السهم إذا حذف أطرافه. ومنه - القذة - للريشة المقذوذة. ثم قيل: قذ السهم إذا راشه ... فخرجت عن معنى القطع.

وأبدلت صادًا فقالوا- قص - وبقي معناها للقطع. وقد تتعاقب الصاد والطاء في كلامهم مثل: غمط النعمة وغمضها. ثم جاء منها - القصة - لكل خصلة من الشعر وللناصية، ثم القصة بمعنى الحديث والخبر لأنها تتقطع من جملة الكلام. ويقال: في رأسه قصة أي جملة من الكلام. وأبدلت ضادًا معجمة، وهما يتعاقبان في: وضفر بمعنى وثب، والخطب والحضب والحصب؛ وكان من معناها الكسر، وسمي الحصى الدقيق المكسر: قضًا، والحصى الكبير: قضيضًا. ثم قيل: جاؤوا بقضهم وقضيضهم إذا لم يتخلف منهم أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>