الحياة والنمو، ثم عدت العوادي على أهلها فشئت شملهم، ومزقتهم كلا ممزق، فضعفوا واستكانوا وذهبت بذهابهم قوميتهم التي كانت تحرسها اللغة وأصبحوا أثرًا بعد عين، وكان ذلك نصيب لغتهم.
وقد قسم العلماء اللغات المعروفة إلى ثلاثة أقسام:
١ - اللغات الحية: وهي اللغات المعروفة اليوم واليت هي لغات أمم حية ينحصر تفاهمهم المطلق بها: كالعربية، والفارسية، والإنكليزية، والفرنسية، والألمانية الخ ..
٢ - اللغات المسماة باللغات البائدة: وهي التي انقرض أهلها وبادت أممها، فطمست معالمها إلا بقايا أخذت عن الأنصاب الأثرية التي أحيت ذكراها، وأعان البحث والجهد الكبير على فك معانيها، وحجل رموزها وقراءة خطوطها بعد الإمحاء والدروس كالمصرية القديمة، والفينيقية، والبابلية، والحثية.
٣ - ما يسمى باللغات الميتة: وهي التي أصاب أصحابها المصائب، فنزعت منهم جامعتهم وقوميتهم او غلبوا على أمرهم فيها، فزجوا بين الشعوب، واندمجوا في سلك المتكلمين بغيرها من اللغات الحية، ولمي بق من أبنائها من ينحصر تفاهمه اليوم بها كالسريانية والعبرانية مما لا تزال معروفة متداولة، لكنها ليست لغة شعب حصر تفاهمه المطلق بها.
وقد نظر فلاسفة اللغة إلى هذه الأقسام (١) من حيث تحليل ألفاظها، وردها إلى الأصول والمقابلة بين تصريفها، فقسموها بهذا الاعتبار إلى سبع طوائف أو سبعة أصول تتفرع منها وهي:
١ - السامية نسبة إلى سام بن نوح، وتتفرع منها الفينيقية أو الكنعانية، والأشورية والبابلية من اللغات المندثرة، والعبرانية والأرامية من اللغات الميتة، والعربية والحبشية من اللغات الحية.
٢ - الآرية وفروعها:
أ- اللاتيني، ومنه الفرنسية والاسبانية والإيطالية والبرتغالية.
ب- التوتوني، ومنه الروسية والبلغارية والصربية.
ج- اليوناني، ومنه اليونانية القديمة والحديثة.
د- الفارسي، ومنه الفارسية والكردية والأفغانية والأرمنية.
هـ- السنكريتي، ومنه الهندية والبنغالية والمهراتية.
(١) قرأ الماجور كوندر مقالًا، في جمعية فكتوريا الفلسفية، عن العلاقة بين اللغات الأسيوية الآرية والمغولية وبين اللغتين القديمتين الأكدية والمصرية، وأثبت أن الأصول المتشابهة تدل على أنها من أصل واحد، وأتبع مقاله بأربعة آلاف كلمة من هذه اللغات لإظهار المشابهة.