للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أوهام الأعلام

العصمة لله

توفر الأئمة على جمع اللغة والتقاط أوابدها وشواردها من البادية الموثوق بعربيتها، وبذلوا في ذلك جهدًا جهيدًا، وتحرزوا من الكذب في النقل عن العرب، فكانت وثاقة الناقل وصدقة هما ميزان القبول في نقله. وجعلوا ضابط الصحيح من اللغة ما تصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه، على حد الصحيح من الحديث. وإنما شرطت الثقة والعدالة في الناقل لا في المأخوذ عنه.

ومع ذلك فإن الذين دونوا اللغة ورتبوها، وأخذوها عمن كتبها من العرب لم يكونوا في عصمة عن السهو والغلط والتحريف. ولكنه قليل إلى جنب الكثير من إفادتهم وجهودهم. فلم يسلم أجل الكتب وأقدمها ترتيبًا لأشهر إمام قام بين أئمة اللغة العربية، الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهو كتاب "العين" من اعتراضٍ، وإن جل قدر الخليل بينهم عن الاعتراض، فنسبوه إلى الليث ابن نصر بن سيار الذي أتم كتاب "العين". قال الجوهري: إن "المحيط" لابن عباد فيه أغلاط فاحشة، ولذا ترك الأخذ منه (تاج م ظ ع).

وإن أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الطرابلسي اللغوي قرأ "الجمهرة" على ابن خالويه بروايته لها عن ابن دريد، وكتب عليها حواشي من استدراك ابن خالويه على مواقع منها، ونبه على أوهام وتصحيفات (المزهر: ١: ٥٨.)

وأبو زكريا الخطيب التبريزي اللغوي يقول في صحاح الجوهري: "إنه كتاب حسن الترتيب سهل المطلب لما يراد منه، وقد أتى بأشياء حسنة وتفاسير مشكلات من اللغة، إلا أنه مع ذلك فيه تصحيف لا يشك في أنه من المصنف لا من الناسخ، لأن الكتاب مبني على الحروف؛ قال: ولا تخلو هذه الكتب الكبار من سهو يقع فيها أو غلط، وقد ورد على أبي عبيد، في الغريب المصنف، مواضع كثيرة منه. غير أن القليل من الغلط الذي يقع في الكتب إلى جنب الكثير الذي اجتهدوا فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>