وأتعبوا نفوسهم في تصحيحه وتنقيحه، معفو عنه." هذا كلام الخطيب التبريزي أبي زكريا، على ما نقله المزهر (١ - ٦٠).
وفي التاج: "وقد وقع فيه، أي الغلط والتحريف، جماعة من الأجلاء من أئمة اللغة وأئمة الحديث، حتى قال الإمام أحمد: ومن يعري عن الخطأ والتصحيف؟ "
قال ابن دريد: "صحف الخليل بن أحمد فقال: يوم لغاث، بالغين المعجمة وإنما هو بالمهملة، أورده ابن الجوزي."
وفي صحاح الجوهري قال الأصمعي: "كنت في مجلس شعبة فروى الحديث قال: تسمعون جرش طير الجنة، بالشين المعجمة، فقلت: جرس، فنظر إلي وقال: خذوها منه فإنه أعلم بهذا منا".
وقال الحافظ محمد ناصر الدمشقي في رسالة له: "إن ضبط القلم لا يؤمن التحريف عليه، بل يتطرق أوهام الظنانين إليه لاسيما من علمه من الصحف بالمطالعة، من غير تلقٍ من المشايخ ولا سؤلة ولا مراجعة."
ويقول الفيروز أبادي في مقدمة كتابه "المحيط": "واختصصت كتاب الجوهري- الصحاح- من بين الكتب اللغوية، مع ما في غالبها من الأوهام الواضحة والأغلاط الفاضحة، لتداوله واشتهاره واعتماد المدرسين على نقوله ونصوصه."
يقول هذا صاحب القاموس ويتبجج بفضله على الأوائل في صدر هذه المقدمة؛ ولكنه لم يسلم هو من التحريف والتصحيف في قاموسه، وإليك شاهدًا منها؛ وإذا أردت المزيد فعليك بتاج العروس تر فيه العجب العجاب: جاء في مادة "ت ر ع" من معاني الترعة، قال الشارح: "جعله – أي الوجه- من معاني الترعة وهو خطأ" أخذه من قول أبي عبيدة حين فسر الحديث وذكر تفسير راوي الحديث فقال: هو الوجه عندنا، فظن المصنف، الفيروز أبادي، أنه معنى من معاني الترعة. وإنما يشير إلى ترجيح ما فسره الراوي فتأمل! وفي مادة "ح ر ز" المحارزة: المفاكهة التي تشبه السباب؛ يقول صاحب التاج: "قلت الصواب فيه الجيم كما تقدم وقد تصحف على المصنف هما." وقال صاحب القاموس في مادة "ج ر ز" المجارزة: مفاكهة تشبه السباب، نقله الصاغاني، والتجارز هو التشاتم.
وفي القاموس مادة " س ع د": "وبنو ساعده قوم من الخزرج وسقيفتهم بمكة" يقول صاحب التاج هكذا في سائر المصححة والأصول المقررة، ولا شك في أنه سبق قلم، لأنه أدرى بذلك لكثرة مجاورته وتردده في الحرمين الشريفين، والصواب أنها بالمدينة كما وجد ذلك في بعض