للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناظر في الكتب العربية اسم الطسوج والقيراط والدرهم والمثقال والإستار والكيلجة والقفيز والجريب والكر والوسق ونحو ذلك، ولا يهتدي إلى نسبتها فيما يعادلها من مقادير هذا العصر؛ فحرصت على حل المشكل بقدر ما أستطيع. وعثرت في منشورات مجلة المقتبس الدمشقية على رسالة لنجم الأئمة الشيخ رضي الدين الإسترابادي، استخرج فيها من أقوال الأئمة اللغة وأئمة الفقه آراءهم في هذه المقادير، وبينها بالحبة والدرهم والمثقال، واعتمد على أشهر الأقوال التي اعتمدها الفقهاء في تقاديرهم الشرعية، فعنيت بتطبيقها على الأوزان والمكاييل العشرية من الغرام والمتر. واستخرجت النسبة من معادلة الدرهم العثماني الذي هو الدرهم البغلي المعروف عند اللغويين بأنه ٦٤ حبة على أنه ٣ غرامات و ٠.٢٠٧٣٦٢ من الغرام، حسب بيان دار الضرب العثمانية كما هو وارد في التقادير الرسمية، ووضعت لها جداول خاصة في كتابي هذا.

١٦ - رأيت كلمات طرأـ على اللغة في العصر العباسي، بعضها اندثر ولكنه لا يزال مذكورًا في مؤلفات ذلك العصر مثل الكردناج والبزماورد والدقدان والشامرك، وبعضها ما زال مستعملًا إلى اليوم. وهذه الطارئة ليست من صلب اللغة وأكثرها دخيل، ولكنها شاعت، ولم يتحرج مؤلفو هذا العصر من إدماجها في عباراتهم، فكان من الخير أن أتعرض لها في كتابي هذا. وقد وقع لأحد الجهابذة، وهو أبو عبد الله بن الطيب الفاسي المتوفى سنة ١١٧٠ هـ، أن أنكر على صاحب القاموس تفسيره العنة بالدقدان لأنه لم يعرف معناه فقال: ولعل المراد به الغليان. والدقدان من الألفاظ العباسية لما ينصب عليه القدر، ويعرف اليوم في لبنان بالمنصب. فبحثت فيما اطلعت عليه منها بقدر وسعي وأثبتها في كتابي هذا.

١٧ - كنت وما زلت أجد كثيرًا من العامي الذي يمكن رده إلى الفصيح، وأحس تحريف الفصيح في الكلام العامي، فتتوق نفسي إلى ولوج باب البحث فيه، فأقدمت بعد إحجام لصعوبة البحث ووعورة الطريق، وعنيت به، وفتحت الباب للمحققين بما أقدمت عليه بقدر المستطاع، وبقدر ما وصل إليه علمي وبحثي من جذبه إلى الفصيح وتطبيقه عليه. وقد يكون المأخذ قريبًا سهلًا، وقد يكون بعيدًا يحتاج إلى شيء من التكلف، وقد تكون الكلمة دخيلة من الآرامية أو الفارسية أو غيرهما. ومهما تيسر لي ردها إلى أصل عربي كان عندي أولى من حملها على ًال غير عربي، واعتبارها دخيلة، ما دام لي مجال لإلحاقها بالمادة العربية.

سلكت هذا الطريق وأنا أعلم أنني سلكت سبيلًا شاقة، وتوقلت عقبة صعبة لا آمن فيها العثار، ولا أبرأ من الزلل- والعصمة لله- ولكنه فتح يجب أن ينفتح ليستقر أمره وينتظم. ولا بد لإدراك الثمرة من أن يتسع فيه المقال وتظهر آراء الرجال.

ولكنني خشيت أن يختلط الصحيح الفصيح بالعامي في متن الكتاب، فجعلت مكان العامي هامش

<<  <  ج: ص:  >  >>