لما انصرف العرب في البحث العلمي الرياضي إلى اتخاذ وحدة قياسية ثابتة للموازين والمكاييل والمقاييس، وضعوا لوحدة الثقل "الحبة" وأرادوا بها في الأصل حبة الشعير من حيث ثقلها، وبنوا عليها أوزانهم في ما فوقها، وقاموا بتجزئتها إلى ما دونها، وكان أكبر مقدار اصطلحوا عليه "الكر" ومقداره ٧/ ٢ ٣٣٣٢٥٧١٤ حبة، وأصغر مقدار عندهم في ما دون الحبة الهباء أي ١ من ١٧٤١٨٢٤ من الحبة.
ووضعوا لوحدة المقاييس "الذراع" وأصلها ذراع اليد من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، وذلك من مستوى الخلقة، وهي الذراع الشرعية وقدروها "بأربع وعشرين" إصبعًا. وبنوا قياس الإصبع على حبة الشعير أيضًا من حيث عرض سطحها أي أحد جنبيها، وقدروا هذا العرض بست أو سبع شعيرات متلاصقات بالسطح الأكبر بحيث يكون ظهر كل شعيرة إلى بطن الأخرى.
واختلف الذراع باختلاف الأمصار ولكن الذراع المقدرة بأربع وعشرين إصبعًا، وتسمى الشرعية، بقيت معتمدة عند الفقهاء، وهي وحدها المقدرة بـ ٢٤ إصبعًا، لا كما قدرها كاتب مستشرق في دائرة المعارف الإسلامية لكل ذراع.
ووضعوا الوحدة المكاييل "المد" وأصله ملء الراحتين مبسوطتين طعامًا من معتدل الخلقة. ولما تعسر الضبط في إرجاع المقادير المكيلة إليه احتاجوا إلى تقديره بالوزن المعين، صونًا عن الخبط والخلط، فاعتبروا فيه الدرهم أو المثقال الشرعيين واختلفوا في مقداره منهما، وبقي هذا الاختلاف قائمًا مع اختلاف الأقطار إلى زمن الدولة العثمانية التي جعلت الوحدة للأوزان، الدرهم، وهو جزء من أربعمائة جزء من الآفة، وجعلوا تحت الدرهم، القيراط، والدرهم ١٦ قيراطًا، والقيراط أربع قمحات، فالقمحة أو الحبة أصغر مقدار في الوزن. وهذا الدرهم العثماني ينطبق على الدرهم البغلي الذي كان معروفًا عند العرب قبل الدولة العثمانية، وهو منسوب إلى رأس البغل، لقب أحد ملوك الروم الذين خلفهم العثمانيون في ملك القسطنطينية.
وفي أواخر أيام العثمانيين، مالت بهم الرغبة إلى استعمال الكيلو والغرام في الأوزان، وإلى المتر في المقاييس، وهو الاصطلاح الفرنسي الذي كاد يكون اصطلاحًا عامًا في هذا العصر.
وأما المتر فهو جزء من عشرة ملايين جزءٍ من ربع دائرة الأرض. وأما الغرام فهو ثقل عشير مكعب "سنتي متر" من الماء المقطر الذي حرارته أربع درجات بميزان الحرارة المئوي "سانتيغراد".