الشَّيْخ أَبُو الفتح نصر اللَّه، ولم يزل فِي خدمته إِلَى أن تُوُفِّيَ عمه فِي ثالث صفر سنة ست عشرة وستمائة، فانتقل إِلَى دمشق، وأقام بها مدة يتفقه عَلَى الشَّيْخ الإِمَام أَبِي منصور ابْن عساكر فقيه دمشق عَلَى مذهب الإِمَام الشافعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ويلازمه ويقوم بخدمته، وحج فِي سنة سبع عشرة وستمائة، وعاد إِلَى دمشق إِلَى شيخه المذكور، ثم بعد ذلك بمدة سافر إِلَى حماة، وقد حفظ نصف كتاب المهذب فِي المذهب، فاتفق ورود الشَّيْخ القدوة عَبْد الرحيم المغربي إِلَى حماة فانقطع إليه، وترك المدارس إِلَى أن تُوُفِّيَ الشَّيْخ عَبْد الرحيم المذكور فأقبل بعد وفاته عَلَى الاشتغال بالحديث النبوي، وبعد ذلك قرأ الوسيط للغزالي جميعه دروسا، ودرس بدار الحديث البشيرية بحماة، ودرس بمدرسة القاضي الإِمَام أَبِي الطاهر ابْن البارزي بحماة إِلَى أن حج فِي سنة ست وَخَمْسِينَ وستمائة، فلما عاد من الحج ترك التدريس بها، ثم إنه حج فِي سنة إحدى وَسِتِّينَ وستمائة، وصام رمضان بمكة، فلما عاد ترك أَيْضًا البشيرية، وأقام بدار الحديث الخطيبية إِلَى أن حج فِي سنة ثلاث وَسَبْعِينَ وستمائة، ثم إنه قصد من حماة زيارة البيت المقدس فِي ذي القعدة سنة خمس وَسَبْعِينَ وستمائة فاستصحب معه كفنه، وودع أهل البلد، وأخبرهم أنه يموت بالقدس، فوصل إليه، وأقام بِهِ أياما ثم مرض يومين، وَتُوُفِّيَ فِي الثالث، وكانت وفاته فِي بكرة يوم عيد الأضحى المبارك من السنة