للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قياما بواجبهم في تبليغ هذا الدين ونصحا للمسلمين، فما تركوا شيئا من هديه صلى الله عليه وسلم إلا وبينوه أتم بيان، فأبان الله بهم السبيل وقطع بهم المعاذير، فالسعيد من اتبع خطاهم والشقي من تنكب طريقهم وجفاهم.

فعلى كل مسلم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتعلم من سننه وهديه ما يدخل به في عداد المقتدين المتبعين للرسول صلى الله عليه وسلم.

قال ابن القيم:

" وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها، أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه مما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " (١) .

والسبيل العملي للتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم هو تطبيق السنة في حياة الفرد والجماعة. وهذا التطبيق يشمل كافه جوانب الدين من اعتقادات وعبادات ومعاملات وأخلاق وآداب ونظم اجتماعية وإدارية وسياسية شرعية. ومما يعين على تطبيق السنة، إحياؤها بنشر العلم الشرعي الموروث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا واجب على كل من علم من الدين شيئا أن يبلغه، ويتعين هذا ويتأكد وجوبه في حق أهل العلم وحملة الشريعة، أخذا من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: ١٨٧] (٢) فهذه الآية وإن نزلت في حق أهل الكتاب توبيخا لهم لكتمانهم أمر رسول


(١) زاد المعاد من هدى خير العباد لابن القيم، تحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤوط ط ٨، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٥ هـ، ١ / ٦٩- ٧٠.
(٢) سورة آل عمران، آية (١٨٧) .

<<  <   >  >>