للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي نعمة. ففرح بفضل ربه عليه ورحمته به أن جعله من أتباع خير المرسلين وحزبه المفلحين.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ - قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٧ - ٥٨] (١) والرضى كلمة تجمع القبول والانقياد، فلا يكون الرضى إلا حيث يكون التسليم المطلق والانقياد ظاهرا وباطنا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه. وكل التفات أو عدول عن الوحي إلى غيره أو اعتراض عليه فهو مناقض للرضى ودليل على النفاق ومؤد إلى الكفر والمروق من الدين.

وقد وقعت طوائف من الأمة فيما يعارض الرضى ويناقضه من الاعتراض على ما جاء به الرسول من ربه، واتخذ ذلك أشكالا متعددة:

- فمنهم من اعترض على توحيد الألوهية بجنس ما اعترض به المشركون الأولون من محبة الأنبياء والصالحين والتقرب بهم إلى الله زلفى. فلم يرضوا بالتوحيد الخالص حتى شابوه ودنسوه بدنس الشرك.

- ومنهم من اعترض على أسماء الله وصفاته بالشبه الباطلة، والظنون الحائرة فنفوا ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، وأثبتوا ما نفاه الله ورسوله عنه فتاهوا في الضلال والعمى. ولو أنهم رضوا بما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم ووقفوا عنده لاهتدوا من الضلالة ولأبصروا بعد العمى ولسعدوا بالهدى.

- ومنهم المعترض على الشرع: إما بالآراء والأقيسة الفاسدة المتضمنة تحليل ما حرمه الله، وتحريم ما أحله، وإسقاط ما أوجبه، وإيجاب ما أسقطه. وإما بالاعتراض على حقائق الإيمان والشرع بالذوق والوجد والكشف ومشايخ الطريق. فحادوا لأجل ذلك عن الصراط المستقيم، وعولوا على أهوائهم وما ألقته


(١) سورة يونس، آية (٥٧-٥٨) .

<<  <   >  >>