للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهم شياطينهم من زخارف القول. فهم على هذا عاكفون، وعن طريق الحق والهدى معرضون وصادون.

- ومنهم من اعترض على الشريعة بالسياسات الجائرة والقوانين الوضعية الخاسرة وألزموا الناس بها كأنها شرع منزل، وتركوا شرع رب العالمين وعطلوا حدوده وأهملوا شعائره، وانتهكوا محارمه. زاعمين مع ذلك أنهم يريدون إحسانا وتوفيقا فوقعوا في الضلال والحيرة وكساهم الله ثوب الصغار والذلة وأذاقهم الله لباس الجوع والخوف والقلة. ولو رضوا بشرع رب العالمين لحصل لهم العز والتمكين.

- ومنم من اعترض على أفعال الله وقضائه وقدره وحكمته بأنواع من الشبه الإبليسية التي تطعن في عدل الله وحكمته وعلمه وهذا اعتراض الجهال والسبب الذي أخرجهم من الرضا إلى الاعتراض هو تلقيهم واستمدادهم من غير الوحي والتزامهم أصولا تخالف شرع رب العالمين ولا نجاة من هذا الداء- أعني داء الاعتراض- إلا بالتسليم المطلق للوحي والإقبال عليه مع اليقين التام بأن فيه الهداية والشفاء (١) رابعا: الوقوف عند حدود الشريعة: - هذا الأمر ثمرة للرضا، فمن رضي بحكم رسول الله ودينه وشرعه وقف عند حدود شريعته ولم يتجاوزها إلى غيرها، ولا يكون ذلك إلا إذا أيقن المسلم أن الدين قد كمل فليس بحاجة إلى زيادة ولا نقصان، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين فلم يترك من أمر الدين شيئا إلا وبلغه. فإذا علم المسلم ذلك وأيقن به وقف عند حد الشريعة ولم يتعدها. والحدود التي أمرنا بالوقوف عندها وعدم تعديها: هي جملة ما أذن الله في فعله سواء كان على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، واعتداؤها: هو تجاوز ذلك إلى ارتكاب ما نهى عنه (٢)


(١) انظر: مدارج السالكين، ٢ / ٦٩- ٧١.
(٢) انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي، ص٢٤٦.

<<  <   >  >>