للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد المعاصرون من الشيعة والصوفية على حد سواء هذه الصلة بينهما.

يقول سيد حسين نصر:

". . . . فقد كانت هناك بعض الصلات بين التصوف والتشيع - وعلى الأخص بطابعه الإسماعيلي - كما يبدو مما ذكره إخوان الصفا عن التصوف في سائلهم وهم إن لم يكونوا حتما من أصل إسماعيلي، فهم بلا ريب قد نشئوا في وسط شيعي، واقترن ذكرهم فيما بعد بالحركة الإسماعيلية (١) ولم تكن هذه الصلة بين التصوف والتشيع صلة عفوية من قبيل التأثير والتأثر المجرد بل كانت تيارا منظما هدفه تقويض دعائم الإسلام، تأثرا بالغوصية الفارسية، وتحويل الدين إلى خليط عجيب من الفلسفة والوثنية والدين وذلك تحقيقا لآمال الفرس وغيرهم من أصحاب المبادئ الشعوبية الناقمين من انتشار الإسلام ولعل في توافق الشيعة والصوفية في أكثر البلاد وإفساح كل واحدة المجال لصاحبتها قديما وحديثا ما يؤكد ذلك الهدف المشبوه. على أن التشيع لم يكن هو الرافد الوحيد الذي أمد الصوفية بهذه العقائد والأفكار فقد كانت هناك روافد أخرى متمثلة في التراث الهندي الذي اقتبس منه الصوفية كثيرا من نظرياتهم في المجاهدة والسلوك والزهد. كما أخذوا من النصارى الرهبنة والخلوات والخوانق التي تشبه الأديرة كما أخذوا عنهم مذهب الغنوصية (٢) .

وعن الفلسفة اليونانية والأفلاطونية الحديثة أخذوا فكرة العقول العشرة ووحدة الوجود (٣) وقد استمد الصوفية عقائدهم وأفكارهم من كل مصدر وسعهم أن يستمدوا


(١) الكشف عن حقيقة الصوفية: محمود عبد الرؤوف القاسم، ط ١، دار الصحابة بيروت ١٤٠٨ هـ، ص ٧٨٤، نقلا عن الصوفية بين الأمس اليوم، ص ١٣٤.
(٢) الغنوصية: كلمة يونانية معناها المعرفة ولكنها تطورت حتى صارت تعي التوصل بنوع من الكشف إلى المعارف العليا أو تذوق المعارف تذوقا مباشرا بطريقة الكشف وهذا هو معنى الذوق عند الصوفية.
انظر: الفلسفة الصوفية في الإسلام، ص ٤ وما بعدها.

(٣) انظر: تفصيل ذلك في الفلسفة الصوفية في الإسلام، ص٣ وما بعدها والكشف عن حقيقة الصوفية، ص ٧٤٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>