للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ب) ثم صورته نبيا مرسلا وكائنا محدثا تعين وجوده في مكان وزمان محدودين والنبي المرسل صلى الله عليه وسلم إنما صدر في رسالته عن ذاك النور الأزلي القديم (١) يقول الحلاج:

(" طس " سراج من نور الغيب بدأ وعاد، وجاوز السراج وساد. قمر تجلى بين الأقمار. برجه في فلك الأسرار. . . ما أخبر إلا عن بصيرته، ولا أمر بسنته إلا عن حق سيرته، حضر فأحضر، وأبصر فخبر. . . أنوار النبوة من نوره برزت، وأنوارهم من نوره ظهرت، وليس في الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم سوى نور صاحب الكرم. . . همته سبقت الهمم، ووجوده سبق العدم، واسمه سبق القلم لأنه كان قبل الأمم، ما كان في الآفاق وراء الآفاق ودون الآفاق. أظرف وأشرف وأعرف وأنصف وأرأف وأخوف وأعطف من صاحب هذه القضية وهو سيد البرية، الذي اسمه أحمد، ونعته أوحد، وأمره أوكد، وذاته أوجد، وصفته أمجد، وهمته أفرد، يا عجبا ما أظهره وأنظره وأكبره وأشهره وأقدره وأبصره، لم يزل، كان مشهورا قبل الحوادث والكوائن والأكوان، ولم يزل، كان مذكورا قبل القبل وبعد البعد. . هو الدليل وهو المدلول. . . بالحق موصول غير مفصول، ولا خارج عن المعقول. . . العلوم كلها قطرة من بحره. . . والأزمان كلها ساعة من دهره، الحق وبه الحقيقة، هو الأول في الوصلة، وهو الآخر في النبوة، والباطن بالحقيقة، والظاهر بالمعرفة. . . الحق ما أسلمه إلى خلقه، لأنه هو وإني هو، وهو هو) (٢) فهذا النص يدور حول النور المحمدي وأنه هو المصدر الذي استمد منه الأنبياء والرسل قبله، والأولياء من بعده هذا النور. ويؤكد الحلاج في هذا النص على قدم وجود النبي صلى الله عليه وسلم وأسبقيته على وجود الكون. فيقول: " همته سبقت


(١) انظر: الفلسفة الصوفية، ص ٣٧٩- ٠ ٣٨.
(٢) الكشف عن حقيقة الصوفية، ص ٢٦٣- ٢٦٤، نقلا عن أخبار الحلاج ص ٨٢ وما بعدها.

<<  <   >  >>