ولم تمت أفكار الحلاج بموته، بل امتد أثرها فيمن أتى بعده من الصوفية ويدل على ذلك ثناؤهم عليه وتصويبهم لمسلكه، وتأويلهم لعباراته وكفرياته وأنه مات شهيدا إلى غير ذلك من وجوه الدفاع الصادرة إما عن جاهل بحقيقة مذهب الحلاج، أو معتقد لمذهبه مدافع عنه.
قال الذهبي في معرض ترجمته للحلاج:
(فتدبر- يا عبد الله- نحلة الحلاج، الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع واتق الله في ذلك، وحاسب نفسك فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام، محب للرئاسة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وأن تبرهن لك والعياذ بالله، أنه كان- والحالة هذه- محقا هاديا مهديا، فجدد إسلامك واستغث بربك أن يوفقك للحق وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا)(١)