للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبت في السنة الأمر بكتابة العلم كقوله عليه الصلاة والسلام «اكتبوا لأبي شاة» (١) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه أنه - قال: «ليس أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثا مني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب» (٢) .

فهذه الأحاديث تدل على أن كتابة العلم وتدوينه أمر مشروع. ويتأكد هذا إذا خيف عليه الضياع والدروس. وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: " أن انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه فإني خفت دروس العلم. وذهاب العلماء، ولا يقبل إلا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وليفشوا العلم، وليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا " (٣) .

أما قتل عمر - رضي الله عنه - الجماعة بالواحد حينما اشتركوا في قتله، فإنه وإن لم يرد في الشرع دليل على خصوصه إلا أنه مستند إلى المصلحة التي أيدتها نصوص الشرع الدالة على وجوب حفظ الدماء والنفوس. ويبين وجه المصلحة في ذلك، أن القتيل معصوم الدم، وقد قتل عمدا، فإهدار دمه داع إلى هدم أصل القصاص، واتخاذ الاستعانة والاشتراك ذريعة إلى السعي بالقتل إذا علم أنه لا قصاص فيه، فإيقاع القصاص عليهم أمر تدعو إليه المصلحة الشرعية المعتبرة على وجه العموم وهي حفظ الدماء والنفوس، فلا يعد ذلك من قبيل الابتداع لموافقته مقاصد الشرع وأصوله المعتبرة (٤) .

ثم هو بعد ذلك فعل خليفة راشد أجمع عليه الصحابة.

أما تضمين الصناع فقد قضى الخلفاء الراشدون بتضمينهم، وقال علي رضي الله عنه: (لا يصلح الناس إلا ذاك) .

ووجه المصلحة في ذلك: أن الناس لهم حاجة إلى الصناع والغالب عليهم


(١) صحيح البخاري. كتاب العلم. باب كتابة العلم، ١ / ٣٩.
(٢) صحيح البخاري. كتاب العلم. باب كتابة العلم، ١ / ٣٩.
(٣) سبق تخريجه، ص ١٣٠.
(٤) انظر الاعتصام، ٢ / ١٢٥ - ١٢٦.

<<  <   >  >>