للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستدلون على ادعائهم رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» (١) .

قالوا فالحديث صريح في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة بعد موته في الدنيا قبل الآخرة.

قال ابن أبي جمرة (٢) (اللفظ - أي لفظ الحديث - يعطي العموم، ومن يدعي الخصوص بغير مخصص منه - صلى الله عليه وسلم - فمتعسف) .

وقال السيوطي بعد أن ذكر هذا الحديث وأيده ببعض النقول عن بعض العلماء: (فحصل من مجموع هذه النقول والأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حي بجسده وروحه وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض. . . . فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن أراد إكراما برؤيته رآه على هيئته التي هو عليها لا مانع من ذلك ولا داعي للتخصيص برؤية المثال) (٣) .

وهذا الحديث لا يدل على ما ذهبوا إليه لأن الحديث يحتمل عدة معان ولذلك اختلف العلماء في معناه وحملوه على عدة محامل منها:

- أن المراد به من آمن به في حياته ولم يره - لكونه حينئذ غائبا عنه


(١) أخرجه البخاري في كتاب التعبير. باب من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، ٩ / ٤٢.
(٢) هو أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي المالكي، (. . . - ٦٩٩ هـ) مقريء - محدث. من تصانيفه: بهجة النفوس وتحليها بذكر مالها وما عليها، ومختصر صحيح البخاري. انظر: نيل الابتهاج بتطريز الديياج. لأبي العباس أحمد بن أحمد بن عمر المعروف ببابا التنبكتي. مطبوع بهامش الديباج المذهب لابن فرحون المالكي، طبع دار الكتب العلمية بيروت، ١٩٧٩، ٤ / ٢٣٧.
(٣) الحاوي للفتاوي للسيوطي. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ط ٣، مطبعة السعادة، مصر، ١٩٥٩ م، ٢ / ٤٥٣.

<<  <   >  >>