للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيكون بهذا مبشرا لكل من آمن به ولم يره. أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته - صلى الله عليه وسلم -.

- أو أن معناه أنه سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الوجه الحق.

- وقيل أنه على التشبيه والتمثيل ويدل على ذلك الرواية الأخرى ولفظها: «فكأنما رآني في اليقظة» .

- وقيل معناه أن يراه يقظة في الآخرة، وهذا بشارة لرائيه في النوم بأنه سيموت مسلما، لأنه لا يراه تلك الرؤيا الخاصة باعتبار القرب إلا من تحقق موته على الإسلام. ومعنى ذلك أنها رؤية خاصة في الآخرة على سبيل القرب منه - صلى الله عليه وسلم - وهذا الوجه والذي قبله أقرب الوجوه إلى الصواب.

- وقيل معناه أنه يراه في المرآة التي كانت له - صلى الله عليه وسلم - إن أمكنه ذلك، وهو قول ابن أبي جمرة (١) قال ابن حجر في الفتح (٢) (وهذا من أبعد المحامل) .

- وقيل معناه أنه يراه حقيقة في الدنيا ويخاطبه (٣) .

وهذا الاحتمال الأخير باطل من وجهين:

١ - أنه مستحيل شرعا لمعارضته النصوص. كقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] (٤) وهو أيضا مخالف لإجماع الأمة التي أجمعت على وفاته - صلى الله عليه وسلم -. ولا يرد على ذلك أن الأنبياء أحياء في قبورهم، وما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من أنه ترد عليه روحه حتى يرد السلام على من سلم عليه. فإن هذه الحياة حياة برزخية تختلف عن الحياة الدنيا في خصائصها وصفاتها ولذلك يقتصر في شأنها على ما ورد في النصوص، ولا تقاس على الحياة الدنيا بأي حال من الأحوال.


(١) انظر بهجة النفوس، ٤ / ٢٣٨.
(٢) انظر فتح الباري، ١٢ / ٣٨٥.
(٣) انظر فتح الباري، ١٢ / ٣٨٥.
(٤) سورة الزمر، آية (٣٠) .

<<  <   >  >>