للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حال حياته للسقيا فيستسقي لهم، وقد بينت الأحاديث الواردة في الاستسقاء ذلك، وليس هناك حديث صحيح يؤيد ما ذهبوا إليه من أن الصحابة كانوا يتوسلون بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه.

بل الأحاديث الواردة تؤكد أن التوسل إنما كان بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم. أخرج الشيخان بسنديهما عن أنس رضي الله عنه: «أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما، فقال يا رسول الله هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله أن يغثنا، قال، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا قال أنس ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعَة، ولا شيئا، وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل التُّرس، فلما توسطت السماء، انتشرت ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر. قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس» (١) .

وأخرج البخاري بسنده عن عباد بن تميم عن عمه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي لهم، فقام فدعا الله قائما ثم توجه قِبَل القبلة وحوّل رداءه فسقوا» (٢) .

فهذان الحديثان وأمثالهما كثير في كتب السنة، وكلها تؤكد أن الصحابة كانوا إذا انقطع عنهم المطر ذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يدعو الله لهم


(١) صحيح البخاري. كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في المسجد الجامع ٢ / ٣٤ - ٣٥، وصحيح مسلم كتاب صلاة الاستسقاء. باب الدعاء في الاستسقاء، ٢ / ٦١٢، وما بعدها.

(٢) صحيح البخاري، كتاب الاستقساء، باب الدعاء في الاستسقاء قائما، ٢ / ٣٨.

<<  <   >  >>