للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليسقيهم، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخرج بهم فيصلي صلاة الاستسقاء ويدعو الله لهم كما هي السنة في هذا الأمر.

وهذا هو الذي قصده عمر بقوله " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ".

ثانيا: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم توسل عمر بدعاء العباس رضي الله عنهما، وذلك لعلمه بأن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن ولا جائز. وتكرر هذا منه بحضور الصحابة رضي الله عنهم. فلو كان التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته جائزا لما عدل عنه عمر رضى الله عنه، ولما أقره الصحابة على ذلك، فلما تكرر ذلك منه دل على عدم جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.

ثالثا: إن تكرر هذا الفعل من عمر رضى الله عنه يدحض شبهة الذين قالوا بأنه قد فعل ذلك لبيان جواز التوسل بغير النبي وأن التوسل بالنبي بعد وفاته أمرا معلوما لدى الصحابة. وهذا ليس بصحيح، إذ لو كان كذلك لما تكرر ذلك الفعل من عمر رضي الله عنه ولبين أن مقصده من ذلك هو بيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل كما يزعمون. ثم إن فيه كذبا على عمر وجمهور الصحابة رضي الله عنهم. لأن المجيزين ادعوا أن التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم كان أمرا معلوما لدى الصحابة. مع أنه لم ينقل عنهم بوجه صحيح ما يؤيد دعواهم. بل المنقول عنهم خلاف ذلك.

رابعا: أن عمر قد صرح بأنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وأنه بعد وفاته توسل بعمه العباس. ومما لا شك فيه أن التوسلين من نوع واحد، وهو التوسل بدعاء الصالحين ورسول الله صلى الله عليه وسلم إمامهم (١) .

خامسًا: أن بعض روايات الحديث الصحيحة قد فسرت كلام عمر المذكور وقصده إذ نقلت دعاء العباس رضي الله عنه استجابة لطلب عمر رضي


(١) انظر التوسل أنواعه وأحكامه للشيخ الألباني، ص٦٠-٦٩.

<<  <   >  >>