للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النار، ونجاة من العذاب، وبرئ من النفاق» (١) وهذا الحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج به.

ووجه البدعة في هذا أنه تخصيص لعدد من الأيام أو الصلوات بثواب معين ومثل هذا لا يثبت إلا بدليل صحيح وهذا الدليل ضعيف. فيكون هذا التخصيص من قبيل البدعة. أما مجرد الصلاة في المسجد النبوي- بدون تحديد وقت معين- فهو أمر مرغب فيه شرعا، لما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (٢) .

٨ - ومنها ما قاله صاحب وفاء الوفا: (أن يقدم " أي الزائر " صدقة بين يدي نجواه للرسول صلى الله عليه وسلم) (٣) أخذا من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢] (٤) وهذه الآية منسوخة عند جماهير العلماء بالآية التي تليها (٥) وهي قوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المجادلة: ١٣] (٦) ثم إن قياس زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بنجواه في حياته قياس باطل لأن المقصود من الزيارة هو السلام عليه صلى الله عليه وسلم وليس هذا من قبيل النجوى لأنه يسمعه كل أحد، ثم إن النجوى إن كانت مشروعة فللرسول في حياته فكيف وهي منسوخة؟


(١) المسند، ٣ / ١٥٥، وهذا الحديث ضعيف لأن في سنده مجهولا، وهو نبيط بن عمرو الذي روى هذا الحديث عن أنس، ولم يعرف عند المحدثين إلا بهذا الحديث.
انظر: السلسلة الضعيفة، ١ / ٣٦٦.
(٢) صحيح البخاري. كتاب المساجد، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، ٢ / ٧٦.
(٣) وفاء الوفا، ٤ / ١٣٩٣.
(٤) سورة المجادلة، آية (١٢) .
(٥) انظر تفسير الطبري، ٢٨ / ٢٠ - ٢٢، وتفسير القرطبي، ١٧ / ٣٠١ - ٣٠٣.
(٦) سورة المجادلة، آية (١٣) .

<<  <   >  >>