للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبتنا لله عز وجل، إذ هي أساس المحبة الدينية الشرعية ومصدرها، وكل ما سواها من المحاب الشرعية تبع لها. وذلك كمحبة الأنبياء والصالحين، ومحبة كل ما يحبه الله ورسوله.

قال ابن تيمية:

(وليس للخلق محبة أعظم ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحق أن يحب لذاته من كل وجه إلا الله تعالى وكل ما يحب سواه فمحبته تبع لحبه، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما يحب لأجل الله ويطاع لأجل الله ويتبع لأجل الله.

كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] (١)) (٢) .

وعلى ذلك فلا تنفك إحدى المحبتين عن الأخرى فمن أحب الله أحب رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك سائر رسله ومحبة الرسول تبع لمحبة من أرسله. ولأجل هذا جاء حب الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنا بحب الله عز وجل في أكثر النصوص الشرعية.

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: ٢٤] (٣) .

وفي الحديث «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار» (٤) .

وهذا الارتباط بين المحبتين ارتباط شرعي لا ينفك. فمن زعم أنه يحب الله ولم يحب رسوله صلى الله عليه وسلم أو العكس فكلامه باطل واعتقاده فاسد.


(١) سورة آل عمران، آية (٣١) .
(٢) مجموع الفتاوى، ١٠ / ٦٤٩.
(٣) سورة التوبة، آية (٢٤) .
(٤) صحيح البخاري. كتاب الإيمان باب حلاوة الإيمان ١ / ١٠.

<<  <   >  >>