للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما يجد حلاوة الإيمان من كان هواه وقلبه في تلك المحبة مناصرا لعقله ومسايرا له جنبا إلى جنب (١) .

وإذا كان هناك من فسر حب الله ورسوله بأنه حب عقلي، فهناك من يظن أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تعني طاعته، وهذا فهم خاطئ إذ أن محبته هي أساس طاعته، والطاعة شرط للمحبة وثمرتها.

فالطاعة أمر زائد على المحبة ومترتب عليها.

كما أن هذا الحب أمر زائد على الإعجاب بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسمو أخلاقه وعظمة تعاليمه.

إذ نرى كثيرا ممن لا ينتسبون إلى الإسلام ولا يؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم يبدون إعجابهم وتقديرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويفيضون في بيان جوانب عظمته، ومع ذلك لا يمكن أن نسمي هذا الإعجاب حبا شرعيا حتى يكون هناك إيمان بدين الإسلام.

ولقد كان أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه ويحوطه ويصد عنه أذى قريش بما استطاع. ومع هذا فلم يثمر ذلك حبا وإيمانا منه بدين الإسلام لأن حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان حب قرابة وحمية جاهلية.

نخلص من هذا إلى أن المحبة الحقيقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي المحبة الشرعية الإرادية الاختيارية، وهي عمل قلبي من أجل أعمال القلوب، ورابطة من أوثق روابط النفوس تربط المسلم برسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعل قلبه وهمه وفكره وإرادته متوجهة لتحصيل ما يحبه الله ورسوله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.

(و) الصلة بين محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم:

الصلة بين المحبتين هي صلة الفرع بالأصل والتابع بالمتبوع فمحبتنا لرسول


(١) انظر. المختار من كنوز السنة. محمد عبد الله دراز. راجعه وأشرف على طبعه الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، ط٤، قطر ص٤٤٠.

<<  <   >  >>