للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلم بذلك أنه يجب على كل مؤمن أن يكون الله ورسوله، والجهاد في سبيله أحب إليه من الأهل والإخوان والأموال والأوطان.

يقول القاضي عياض مستدلا بهذه الآية:

(فكفى بهذا حضا وتنبها ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها وعظم خطرها واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرع الله من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وتوعدهم بقوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: ٢٤] ثم فسقهم بتمام الآية وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله) (١) .

وقد ذكر الله في هذه الآية ثمانية أصناف وهم الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال المكتسبة والتجارات والمساكن والديار. وهذه الأصناف تمثل بمجموعها كافة الروابط الاجتماعية والاقتصادية وعليها مدار مصالح الحلق ومعايشهم. وهي التي تجذب الإنسان إلى الأرض وتثقله عن الجهاد في، سبيل الله ما لم يكن حب الله ورسوله مستعليا في قلب المسلم على كل هذه الروابط والمصالح.

وفي ذكر الله للجهاد مقرونا بحبه سبحانه وتعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه من أظهر العلامات على ذلك الحب لأنه هو المحك الذي يتجلى فيه صدق هذا الحب وإيثاره على غيره من الكتاب التي ذكرها الله في هذه الآية.

ومن رحمة الله عز رجل أنه لم يذم حب الأهل والأقارب والأزواج ولا حب المال المتكسب والمساكن ولم ينه عن ذلك. وإنما جعل من مقتضى الإيمان إيثار محبة الله ورسوله على حب هذه الأنواع، وكذلك تقديم الجهاد إذا وجب عليها.

وهذا هو حال المؤمنين الصادقين في حبهم لله ورسوله (٢) .


(١) الشفا، ٢ / ١٨.
(٢) انظر تفسير المنار - محمد رشيد رضا - ط٢، دار المعرفة، بيروت، ١٠ / ٢٢٥ - ٢٤٢.

<<  <   >  >>