للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ب) قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] (١) .

فهذه الآية إخبار عن مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين، كما أنها أيضا إخبار عن الحال التي ينبغي أن يكون فيها المؤمنون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو أولى بهم من أنفسهم ولا يكون كذلك حتى يكون أحب إليهم من أنفسهم.

ويبين ابن القيم أن هذه الآية دليل على أن من لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى به من نفسه فليس من المؤمنين ثم يوضح أن هذه الأولوية تتضمن أمرين:

١ - (. . . أن يكون أحب إلى العبد من نفسه، لأن الأولوية أصلها الحب، ونفس العبد أحب إليه من غيره ومع هذا يجب ان يكون الرسول أولى به منها، وأحب إليه منها، فبذلك يحصل له اسم الإيمان.

ويلزم من هذه الأولوية والمحبة كمال الانقياد والطاعة والرضا والتسليم وسائر لوازم المحبة من الرضا بحكمه والتسليم لأمره وإيثاره على ما سواه.

٢ - ومنها: أن لا يكون للعبد حكم على نفسه أصلا، بل الحكم على نفسه للرسول صلى الله عليه وسلم يحكم عليها أعظم من حكم السيد على عبده أو الوالد على ولده فليس له في نفسه تصرف قط إلا ما تصرف فيه الرسول الذي هو أولى به منها) (٢) .

فتبين من هذا أنه يجب على كل مؤمن أن يكون الرسول أولى به من نفسه في كل شيء، وأن يكون حكمه صلى الله عليه وسلم في أي شيء مقدما على رغبات النفس وتطلعاتها، بل إن الحياة لتعد هينة ورخيصة بجانب تحقيق ما فرضه الله ورسوله


(١) سورة الأحزاب، آية (٦) .
(٢) الرسالة التبوكية. لابن القيم. مراجعة الشيخ عبد الطاهر أبي السمح، ط١، نشر المطبعة السلفية ومكتبتها مكة المكرمة، ١٣٤٧ هـ، ص ٢١- ٢٢.

<<  <   >  >>