ولكن العجب أيضا أن عدم القدرة على فهم علاقة الاتحاد المذكور باقية بعد عروج المسيح أيضا، وإلى الآن لا يستطيع عالم من علماء النصارى أن يبين كيفية هذه العلاقة، وكتبهم مليئة بالاعترافات في عدة مواضع أن هذا الأمر من الأسرار الخارجة عن إدراك العقل، ومن أراد التأكد فليرجع إلى قاموس الكتاب المقدس الذي اشترك في تأليفه أكثر من عشرين عالما لاهوتيا من علمائهم، ولينظر بنفسه كيف تخبطوا تخبطا واضحا في شرح كلمة: تثليث.
ونقول ثانيا: لماذا خاف المسيح من اليهود فلم يبين لهم ألوهيته إلا بطريق الألغاز؟! وأنتم تزعمون أن المسيح ما جاء إلا ليكون كفارة لذنوب الخلق بأن يصلبه اليهود، وأنه كان يعلم يقينا أنهم يصلبونه، فأي محل للخوف من اليهود في بيان هذه العقيدة الضرورية للنجاة؟! وكيف يخاف الإله العظيم خالق السماوات والأرضين من أذل أقوام الدنيا والحال أن بعض الأنبياء بينوا الحق لبني إسرائيل دون خوف منهم، فأوذي بعضهم إيذاء شديدا، وقتل بعضهم؟!
ثم إن المسيح عليه السلام شدد في الإنكار على الكتبة والفريسيين ووصفهم بأنهم مراءون وقادة عميان وجهال وحيات وأفاع، وأظهر قبائحهم على رؤوس الأشهاد حتى شكا بعضهم بأنك تشتمنا (إنجيل متى ٢٣ ١٣ - ٣٧، وإنجيل لوقا ١١ ٣٧ - ٥٤) فالمسيح الذي بين لعلماء اليهود بعض مخالفاتهم وعنفهم عليها تعنيفا شديدا، ووصفهم بأوصاف قاسية دون خوف منهم، فكيف يظن به أن يحمله الخوف منهم على أن يترك بيان العقيدة الضرورية للنجاة؟! حاشا وكلا أن يكون جنابه الشريف عند هذا الظن الفاسد.